Pranayama: Part two الجسم البراني او الطاقي

 


مقدمة لعلم النَفَس "برانا ياما"

الجزء الثاني

الجسم البراني The Pranic body


يتكون الاطار اوالهيكل العام لجسم الانسان حسب علم الفسيولوجيا اي علم وظائف الاعضاء لليوغا من خمسة اجسام او اغلفة والتي تتوافق مع العوامل المختلفة اوالابعاد المختلفة للوجود الانساني وهذه الاغلفة الخمسة تعرف ب:

1.     "أنّا مايا" كوشى،  “Annamaya kosha”الطعام او الجسم المادي

2.     "مونا مايا" كوشى، “Manomaya Kosha” الجسم الذهني او العقلي

3.     "برانا مايا" كوشى، “Pranamaya Kosha” الجسم الطاقي الحيوي او الجسم البيوبلازمي

4.     "فيجنانا مايا" كوشى، “Vijnanamaya kosha”الجسم العقلي الاسمى او النفسي

5.     "اناندا مايا" كوشى، “Anandamaya kosha”الجسم السعيد او التجاوزي.

على الرغم من ان الاغلفة الخمسة تعمل سوياً لتشكل الجسم المتكامل الا ان تدريبات "البراناياما" تعمل بشكل اساسي مع "برانا مايا كوشى"،  “Pranamaya Kosha”والتي بدورها تتكون من خمس طاقات اساسية او "براناز" والتي تعرف بمجموعها "بانشا" “pancha”، او خمسة، والبراناز الخمسة هم: برأنا، أبانا، سامانا، أودانا، وفيانا، prana, apana, samana, udana, vyana.


البرانا في هذا السياق لا تشير الى الطاقة الكونية بل الى نوع واحد من الطاقة المتدفقة والتي تحكم المنطقة الصدرية من الجسم الممتدة بين الحنجرة واعلى الحجاب الحاجز وهي عادة ما ترتبط بالقلب واعضاء الاجهزة التنفسية جميعها بالاضافة الى العضلات والاعصاب الذين ينشطون هذه الاعضاء هي القوة التي تجذب النَفَس الى الداخل

أبانا تحكم المنطقة الباطنية من الجسم تحت منطقة سرة البطن وتوفر الطاقة لمنطقة الامعاء الغليظة والكليتين والشرج والاعضاء التناسلية. هي المسؤولة عن تخلص الجسم من الفضلات وهي القوة التي تطلق الزفير.

سامانا تقع بين القلب وسرة البطن وهي تنشط وتسيطر على الجهاز الهضمي: الكبد، الامعاء، البنكرياس والمعدة وافرازاتهم. سامانا هي المسؤولة عن التحول. على المستوى الجسدي هذا يتعلق بتراكم وتوزيع المغذيات اما على المستوى التطوري فيتعلق "بالكونداليني"  “kundalini”وتوسع الادراك.

أودانا تحكم الرقبة والراس وتنشط مستقبلات الحواس مثل العينين واللسان والانف الاذنين. تعمل أودانا على اعادة الانسجام بين الاطراف وتنشيطهم بالاضافة لتنشيط العضلات المرتبطة بالاطراف والاربطة والاعصاب والمفاصل وهي مسؤولة عن انتصاب وضعية الجسم والوعي الحسي وعن قدرة الفرد  للتجاوب مع العالم الخارجي.

فيانا هي الطاقة التي تتخلل جميع اجزاء الجسم وتقوم بتنظيم والسيطرة على جميع حركات الجسم وتنسق بين جميع انواع البرانا الاخرى وهي تعمل كقوة احتياطية لجميع انواع البرانا الاخرى.

بالاضافة لهذه الانواع الخمسة من البراناز هناك خمسة انواع اخرى فرعية تسمى ب" اوبا-براناز"، “upa-pranas”: ناغا، كوورما، كري كارا، ديفاداتا، دهانان جايا، “naga, koorma,krikara,devadatta dhananjaya” ، ناغا مسؤولة عن التجشؤ والفواق (الحزقة)، اما كوورما فتفتح العينين وتنشط رمش العينين، كري كارا تولد الاحساس بالجوع والعطش والعطس والسعال، ديفاداتا تحفز على النوم والتثاؤب، ودهانان جايا فتبقى بعد الوفاة وفور مغادرتها يبدأ الجسم بالتعفن والتحلل.

برانا ونمط الحياة

يُؤثر نمط الحياة كثيرا على "البراناياما كوشى" وانواع البرانا الخمسة اي "البراناز". ان النشاط الجسدي مثل التمارين الرياضية والعمل والنوم والطعام والعلاقات الجنسية جميعها تؤثر على توزيع وتدفق الطاقة في الجسم واما تأثير قوى العقل المختلفة مثل العواطف والفكر والتخيل فيكون اكبرعلى الجسم الطاقي. وان اي خلل يحدث في نمط الحياة او استخفاف في النظام الغذائي او القلق يستنزف ويعيق تدفق الطاقة وهذا يؤدي الى ما يعرفه الناس باستنزاف الطاقة. ان نفاذ الطاقة في برانا معينة تؤدي الى اضعاف الاعضاء والاطراف المحكومة من قِبل هذة البرانا وبالتالي تؤدي الى المرض او الخلل في عملية الايض. فتقوم تقنيات البراناياما بعكس هذا الخلل وتنشط وتعيد التوازن الى البراناز المختلفة ضمن "البرانامايا كوشى" “pranamaya kosha” ويجب ان تُؤدى تدريبات البراناياما بعد القيام بوضعيات ضمن برنامج لليوغا متكامل.

النفس، الصحة والبراناياما

تعتبر عملية التنفس من اهم العمليات الحيوية في الجسم وتؤثر في نشاطات جميع خلايا الجسم وفي كل خلية من خلايا الجسم والاهم انها ترتبط كثيرا في اداء الدماغ. يتنفس بنو البشر خمسة عشر مرة في الدقيقة وواحد وعشرون الف وستمائة مرة في اليوم. تحفز عملية التنفس احتراق الاكسجين والجلوكوز منتجة الطاقة اللازمة لكل تقلص عضلي وافراز غددي وعملية ذهنية. وبالتالي فان عملية التنفس ترتبط بشكل كبير بكل جوانب التجربة الانسانية.

          يتنفس معظم الناس بشكل خاطئ مستخدمين فقط جزء صغير من سعة رئتيهم فيكون النفس سطحيا ويحرم الجسم من الاكسجين والبرانا الضرورتين للصحة الجيدة. ان التمارين الخمس الاولى في هذا القسم هي تقنيات تحضيرية لنتعرف من خلالها على عادة التنفس الصحيحة وتساعدنا على تركيز الوعي على عملية التنفس التي بالعادة تكون مُهملة. يُطور المتدربون الحساسية اللازمة لعملية التنفس ويحافظون على عضلات الفجوة الرئوية معززين بذلك السعة الحيوية لتلك العضلات لتصبح جاهزة للبراناياما.

          ان التنفس بشكل منتظم وعميق وبطيئ يُحفِز ويٌحَفَّز من قبل حالة ذهنية هادئة ومرتاحة اما التنفس الغير منتظم فيُحدث خلل في ايقاع عمل الدماغ ويؤدي الى عوائق جسدية وعاطفية وعقلية وهذه بدورها تؤدي الى نزاع داخلي وشخصية غير متوازنة ونمط حياة مضطرب والى المرض. تقوم البراناياما بانشاء انماط تنفس منتظمة قاطعة الطريق بذلك امام هذه الدوامة السلبية وتعكس هذة العملية المحبطة وذلك من خلال اعادة السيطرة على النفس واعادة الايقاع الهادئ والطبيعي للعقل والجسم.

على الرغم من اننا عادة لا نعي عملية التنفس الا انه يمكننا استعادة تركيز الوعي على التنفس في اي لحظة مشكلين بذلك جسرا بين الاجزاء المسؤولة عن الوعي واللاوعي من الدماغ ويمكن من خلال ممارسة البراناياما اطلاق الطاقة المحبوسة في الانماط الذهنية العصابية واللاواعية لاستخدامها في نشاطات اكثر خلاقة وفرح.

التنفس وطول العمر

بالاضافة لتأثير التنفس على جودة الحياة فان ايقاع التنفس يملي علينا ايضا طول وحجم الحياة. ان حكماء الهند القدامى "الريشيز" وممارسي اليوغا التقليديين قاموا بدراسة الطبيعة بالتفاصيل ولاحظوا ان الحيوانات ذوي التنفس البطيء مثل الثعابين والفيلة والسلاحف تتمتع بحياة اطول بينما من يتنفس اسرع مثل العصافير والكلاب والارانب يعيشون لسنوات قليلة. وبعد ملاحظة هذه الحقيقة تنبهوا لاهمية التنفس البطيئ لزيادة عمر الانسان. ان من يتنفس انفاسا قصيرة سريعة على الاغلب سيعيشون حياة اقصر من الذين يتنفسون بشكل بطيء وعميق. على المستوى الجسدي فان ذلك يعود الى أن التنفس مرتبط بشكل مباشر بالقلب فالتنفس بشكل بطيء يقوي القلب ويغذيه مما يساهم في جعل الحياة اطول والتنفس العميق يزيد من امتصاص الطاقة من قبل "البرانامايا كوشى"  “pranamaya kosha” فتتحسن الديناميكية والحيوية والصحة العامة.

البراناياما و الطموح الروحاني

تقوم تدريبات البراناياما ببناء جسم صحي من خلال ازالة العوائق في"البرانامايا كوشى" “pranamaya kosha”  فاسحة المجال لامتصاص المزيد من البرانا والاحتفاظ بها. يتوجب لمن يسعى للروحانية ان يتوفر لديه الهدوء الذهني كشرط اساسي لممارسة الروحانية ومن اجل هذه الغاية تستخدم العديد من تقنيات البراناياما " كومب بهاكا"  “kumbhaka” اي الاحتفاظ بالنَفس لبناء السيطرة على تدفق البرانا حتى نستطيع ان نهدئ العقل ونحكم السيطرة على عملية التفكير.

          وعندما يسكن العقل وتتدفق البرانا بحرية في قنوات الطاقة اي "الناديز"  “nadis”و"التشاكراز" “chakras”يُفتح باب تطور الوعي الذي يوصل الساعي للتطور الروحاني الى مستويات اعلى من التجربة الروحانية. كتب سوامي سيفاناندا في كتابه علم البراناياما، " هناك علاقة وثيقة بين النفس والتيارات العصبية والسيطرة على البرانا الداخلية او القوى الحيوية. تصبح البرانا مرئية على المستوى الجسدي كحركة وفعل، وعلى المستوى العقلي كفكرة. براناياما هي الوسيلة التي يحاول اليوغي {من يمارس اليوغا} من خلالها ومن خلال جسده ان يدرك  كل الطبيعة الكونية و يحاول ان يصل الى الكمال من خلال الوصول الى كل قوى الكون."


Comments

Popular posts from this blog

Sumud: Each Gen Has Its Gem

The Sacrifice: Two Fronts. The Trojan Horse of Gaza: A Red Heifer?

Gaza Has Fragmented Me